استقدام العاملات في الخدمة المنزليّة المعاملة الإلكترونية لمكافحة الفساد

منذ 10 شهر 4 أسبوع 2 يوم 12 س 37 د 14 ث / الكاتب Zainab Chouman

تُعدّ معاملة «استقدام عاملة أجنبية للخدمة المنزلية في لبنان» من المعاملات التي قد يشوبها الاستغلال، سواء للعاملة أو لصاحب العمل تحت عناوين مختلفة، إذ تُدفع أموال من أجل تسريع إنجاز المعاملة، علماً أن الآلية واضحة لا لبس فيها. يؤكد (محمد .خ) وهو لديه تجارب عديدة مع أصحاب مكاتب الاستقدام، أنّه كان يدفع لسنوات طويلة أموالاً إضافية حتى تُنجز معاملة استقدامه لعاملة تساعد والدته المريضة في الأعمال المنزلية. لا ينكر محمد أنه كان يعلم أن الأموال التي يدفعها تفوق ما تتطلّبه المعاملة، ولكن برأيه «للضرورة أحكام، وهيك البلد ماشي، إذا ما دفعت بتضلّك ناطر معاملتك ويكمن تطوّل الشغلة كتير.

تتعدّد الأطراف المعنية باستقدام عاملة أجنبية إلى لبنان، تبدأ العملية في مكتب الاستقدام حيث يقدّم صاحب العمل طلب الاستقدام للعاملة، ثم يأتي دور وزارة العمل التي تنظم عمل العمال الأجانب لتعطي موافقة مسبقة للعاملة الأجنبية، يمنح بعدها الأمن العام اللبناني سمة دخول للعاملة (مدتها ثلاثة أشهر). على مدى السنوات الماضية، منحت وزارة العمل ترخيصاً لـ 779 مكتب استقدام، إلا أنه وبسبب ارتكاب بعضها للمخالفات، أُغلق 296 مكتباً، ليبلغ العدد الرسمي لمكاتب الاستقدام المرخّصة في لبنان 483 مكتباً، تعمل حالياً تحت إشراف وزارة العمل. فما هو الجديد في آلية استقدام العاملات الأجنبيات إلى لبنان، وهل ستحدّ من الفساد الحاصل في هذا القطاع؟

يشرح مسؤول الموقع الإلكتروني في وزارة العمل يعقوب مرعي الخدمة الجديدة التي أطلقتها الوزارة من أجل الحدّ من السمسرات والفساد المرافقيْنِ لاستقدام عاملة أجنبية للعمل في الخدمة المنزلية في لبنان، مؤكداً أن «هدف هذه الخدمة حماية حُقوق أصحاب العمل، وحُقوق العاملة، وحُقوق صاحب مكتب الاستقدام». ويتابع: «تفرض الخدمة على صاحب المكتب، عِندما يُدخل طلب صاحب العمل (أي من يرغب باستقدام عاملة)، أن يُرسل رسالة نصية عبر هاتفه، تتضمّن اسمه، وطبيعة عمله، مكتوبَيْن بالأحرف اللاتينية، وتتضمّن الرسالة رابطاً للموقع الإلكتروني لوِزارة العمل (www.labor.gov.lb)، وبمجرد الضغط عليه يظهر نص يحتوي على اسم الشخص، واسم العاملة ورقم جواز سفرها وجنسيتها، كما يحتوي أيضاً على اسم المكتب واسم صاحبه ورقم هاتفه وعنوانه». ويشدد مرعي على «ضرورة أن يتأكد المواطن من أنه يتعامل مع صاحب المكتب مباشرة من دون أي وسيط، ويمكن الاطّلاع على قرار تنظيم عمل المكاتب، كما يُمنع صاحب العمل من الاقتطاع من رواتب العاملة لِصالح المكتب أو لِصالحِ أيّ كان في لبنان أو خارجه». أما في حال نشوء أي خلاف بين صاحب العمل وصاحب المكتب، فيلفت مرعي إلى أنه «يمكن لأيّ مواطن إبلاغ وزارة العمل عن أي خلاف ينشأ مع أصحاب مكاتب الاستقدام لإيجاد حل وتطبيق القانون على الطرفَين، وذلك بإرسال بلاغ عبر موقع الوزارة».

كما تتيح الخدمة لأي مواطن يرغب باستقدام عاملة في الخدمة المنزلية الاطّلاع على تقييم المكتب من قِبل الذين تعاملوا معه، ورؤية عدد النقاط السوداء أو المخالفات التي سُجلت في سجله في وزارة العمل، في حال وجودها، ويمكنه أيضاً تقييم المكتب من خلال رابط مخصّص. وفي حال وجد صاحب العمل أن المكتب مُلتزم بأحكام القانون، يُطلَب منه الموافقة على الشروط والأحكام، وبمجرد موافقته، يُعدّ هذا بمثابة توقيعِه على طلب الموافقة المسبقة لاستقدام العاملة.


 أيّ دور لنقابة مكاتب الاستقدام؟


«هناك عملية التفاف على المكاتب المرخّصة يقوم فيها سماسرة وأشخاص ليست لديهم صفة في قطاع الاستقدام، يتم ذلك من خلال اللجوء إلى طرق ملتوية لاستقدام العاملات بطريقة غير شرعية أو غير مكتملة المواصفات للاستقدام الشرعي، يعملون على إيهام أرباب العمل أنهم مكاتب شرعية ويتحملون المسؤولية في حال حدوث أي أمر». يتحدث نقيب مكاتب استقدام العاملات في الخدمة المنزلية جوزيف صليبا عمّا يجري اليوم في قطاع الاستقدام، معرباً عن أسفه «لقيام عدد من المكاتب المرخّصة بالتواطؤ مع هؤلاء السماسرة من أجل تسهيل أمورهم، ولكنّ الأمور مكشوفة، إذ تعمل النقابة على فضح كل ذلك، وتتدخل وزارة العمل لوضع حدّ لهذه المخالفات متّخذة إجراءات قانونية بحق المكاتب المخالفة تصل إلى حدّ الإقفال».
وحول دور النقابة، يشدد صليبا على أن «النقابة هي الجهة الصالحة التي تمثّل القطاع الشرعي الذي لديه الصفة للمطالبة بحقوق فئة كبيرة من أصحاب المكاتب المنضوين تحت النقابة». مشيراً إلى أنها «تطّلع على أمور مكاتب الاستقدام وتتابعها وتعمل على تحسين ما يمكن تحسينه عبر المذكّرات والتعديلات التي تصدر عن وزارة العمل، والأمن العام اللبناني، والقنصليات والسفارات». كما يؤكد صليبا أهمية الخطوات التي تقوم بها وزارة العمل من أجل تنقية القطاع من الشوائب، ويلفت إلى «ضرورة تحصين حقوق أصحاب المكاتب المرخّصة التي تعمل وفق الأصول ومحاسبة كل من يلحق الضرر بمصالحهم».
ويحذّر صليبا من «ظاهرة استجدّت في قطاع الاستقدام اليوم، تتمثل بزيادة أعداد العاملات اللواتي تخلّين عن أصحاب العمل الأساسيين ويعملن في البيوت بأجر يومي (على الساعة) من دون أي ورقة شرعية ولا حتى تأمين صحي، ولا يمكن لأصحاب العمل الجُدد معرفة طبيعة الأمراض التي قد تحملها هذه العاملة»، داعياً إلى «التعاون من أجل معالجة هذه الظاهرة والتخفيف من تأثيراتها السلبية على قطاع الاستقدام».

كيف يعرف المواطن أن المكتب الذي يتعامل معه مرخّص؟

تشرح صاحبة أحد مكاتب الاستقدام، جودي أبو صبحة، الآلية القانونية المعتمدة حالياً للحصول على عاملة أجنبية للخدمة المنزلية في لبنان، «عندما يزور صاحب العمل مكتب الاستقدام يُطلب منه تزويد صاحب المكتب بصورة عن الهوية الشخصية وعنوان إقامته ورقم هاتفه المحمول الخاص به أو بأحد المقيمين معه في المنزل، من زوج أو ابن، وأن يكون هاتفه مزوّداً بخدمة الإنترنت، ثم يُدخل صاحب المكتب الطلب على صفحته على موقع وزارة العمل، ويُرسل بعدها رسالة نصيةً إلى هاتف صاحب العمل. كما أن أي تهاون من قِبل مكتب الاستقدام بطلب المستندات المطلوبة للحصول على عامل في الخدمة المنزلية بالطريقة القانونية، يمكن أن يكون محلّ شبهة، لذا يفترض الانتباه والتدقيق من قِبل صاحب العمل.

فاطمة خشاب درويش