على باسيل أن يختار أهون الشّرّين!

منذ 1 سنة 5 شهر 4 يوم 15 س 30 د 18 ث / الكاتب Zainab Chouman

لم يعد أمام رئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل متسع من الوقت لكي يقرّر السير برئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية أو بقائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية. 

هذا ما تبّلغه باسيل، بديبلوماسية، من الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله. وبذلك تكون حظوظه الرئاسية توازي الصفر الحسابي. 
أمّا لماذا أقدم “حزب الله” على وضع رئيس “التيار البرتقالي” أمام هذا الخيار المرّ، فيُقال إنه يعرف سلفًا الجواب النهائي، الذي لا بدّ منه في نهاية المطاف. وبالتأكيد فإن جواب باسيل سيكون كجواب رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع قبل ست سنوات عندما خُيّر بين فرنجية والعماد ميشال عون، فأختار، كما يُقال “أهون الشرّين”. 
فبين فرنجية وجوزاف عون سيكون إختيار مَن لا يزال يعتبر نفسه مرشحًا رئاسيًا طبيعيًا، بإعتباره أكبر كتلة نيابية مسيحية، مبنيًا على معطيات سياسية وتحالفية مستقبلية. فما يهمّ باسيل بعد تهاوي حلمه الرئاسي هو الإحتفاظ بأوراق سياسية عدّة، ومن بينها أن يكون متحكّمًا ،بفعل تحالفاته مع “حزب الله”،بمفاصل اللعبة السياسية في المستقبل، من حيث حصّته الوزانة في حكومات العهد الجديد، فضلًا عن حصّته في التعيينات الإدارية والأمنية والقضائية.
 
فمقابل قبوله بفرنجية كمشروع رئيس بديلًا من خيار “الورقة البضاء” “يشترط” باسيل على “حزب الله”، إذا جاز التعبير”، التعهدّ بألا يصار في عهد فرنجية الإقتصاص من “الرموز العونية” في مواقع إدارية وعسكرية وقضائية حسّاسة، فضلًا عمّا يضمن له إستمرارية سياسية لتياره السياسي حتى عام 2028. فالتكتيك الذي اعتُمد في الجلسة الخامسة لإنتخاب رئيس الجمهورية لم يكن لدى “التيار الوطني الحر” بديلًا منه سوى “الورقة البيضاء”، إعتقادًا منه بأنه لا يزال يستطيع أن يناور لكسب المزيد من الوقت قبل تجرّع كأس فرنجية، لأن كلًا من “حزب الله” وحركة “امل” قد إتخذا قرارهما النهائي لجهة دعم ترشيح فرنجية. وهذا ما بدا واضحًا لدى القاصي والداني، خصوصًا بعد المواصفات الرئاسية التي حدّدها السيد نصرالله. 
 
وفي رأي بعض الأوساط أن رسالة هذه المواصفات كانت موجّهة إلى الحليف والصديق أكثر ممّا هي موجّهة إلى الخصوم. 
 
فـ”حزب الله” إعتمد هذه المقاربة، في إعتقاد هذه الأوساط، إما لتحسين ظروف السير بترشيح فرنجية في ضوء متغيّرات إقليمية ودولية واحتمال تراجع جبران عن رأيه، بعد إفهامه أن ترشيحه في الظروف الراهنة شبه مستحيل، إن لم يكن مستحيلًا مئة في المئة، بإعتبار أنه غير مقبول حتى ضمن “الفريق الممانع”، وهو بالتالي “حصان خاسر” لا يمكن المراهنة عليه في سباق “المنخار”.  أمّا ما يخشاه “حزب الله” فهو خسارة باسيل، الذي قد يذهب إلى خيارات أخرى إذا وجد نفسه محشورًا في زاوية “القرار الشيعي”. ومن بين هذه الخيارات إمكانية ذهاب باسيل إلى التفاهم مع قوى أخرى للإتفاق على رئيس.  من هنا يبدو أن للحزب استراتيجية سياسية مختلفة تمامًا عن خارطة طريق باسيل. فللأخير تحديات داخلية تتعلق بالتيار، ومسيحية تتعلق بموقعه في المعادلة المسيحية، وإن كانت الظروف الحالية غير قابلة للإستثمار شعبيًا وهو الخارج من انتخابات ربح فيها حصة لها وزنها وإن ليس بقوته وحدها. والتحديات الأكثر أهمية هي الحفاظ على موقعه كمرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية، من دون الإلتفات إلى العقوبات الأميركية. وهذا كله يضطره إلى أن يضع خارطة طريق قد لا تلتقي مع تصّور “حزب الله” المرحلي.
 
ولكن وعلى رغم موقفه المناور فإن باسيل غير قادر على فك حلفه مع “حزب الله” لأنه غير قادر في السياسة على الإجتماع مع أحد من القوى السياسية الداخلية، وبالتالي فإن عزلته السياسية لم تسهّل له مهمة رفع السقف تجاه الحزب لقطع الطريق على فرنجية.
 
 

بيروت نيوز